من أجل 4 ليرات في الساعة.. «ربيع عمالي» غير مسبوق في تركيا

من أجل 4 ليرات في الساعة.. «ربيع عمالي» غير مسبوق في تركيا

بعد تسديد إيجار منزله والفواتير المترتبة عليه، تصبح جيوب "بكر غوك" عامل التخزين بسلسلة متاجر "ميغروس" والأب لثلاثة أولاد في إسطنبول، فارغة، لذلك اضطر للانضمام إلى زملائه المضربين عن العمل، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس".

وخلال الإضراب طالب "غوك" وعائلته، بزيادة قدرها 4 ليرات تركية في الساعة (29 سنتا أمريكيا)، وهو سعر رغيف خبز، ورداً على ذلك، سرّحت "ميغروس" 257 عاملا بينهم "غوك" قبل أن تتراجع وتمنحهم زيادة الأجور التي طالبوا بها بعد إضراب دام 17 يوما.

وفي بيان رحبت الشركة -التي بررت قرار التسريح بـ"احتلال" مستودعاتها- بعودتهم بعد اتفاق تم التوصل إليه الأحد.

وأمام المستودع الذي احتشد فيه المضربون، قال غوك: "كنا نطلب سعر رغيف خبز! إنه لا شيء بالمقارنة مع الأرباح التي حققناها لهم منذ بداية وباء كوفيد-19".

 

تحركات اجتماعية غير مسبوقة

يشكل هذا الإضراب جزءا من تحركات اجتماعية غير مسبوقة في تركيا منذ سبعينيات القرن العشرين، حيث تم تسجيل أكثر من 60 إضرابا وعمليات احتلال مصانع واحتجاجات ودعوات إلى مقاطعة شركات، شارك فيها 13500 عامل على الأقل خلال شهرين في البلاد، في مواجهة تضخم قُدّر رسميا بنحو 50% خلال عام، بينما يقول اقتصاديون مستقلون إنه يتجاوز ضعف ذلك.

ونقلت "فرانس برس" عن، فرحات أويار، 27 عاما، الذي يعمل في شركة "يميكسيبيتي" الرائدة في توصيل الطلبيات إلى المنازل في تركيا "الحصول على وجبات أو القيام بتسوق بمواد مثل تلك التي أقوم بتوصيلها، أمر مستحيل بأجري هذا".

توقف "أويار" مع زملائه، عن العمل مطلع فبراير الحالي على غرار العديد من الموظفين الآخرين في شركات التوصيل التي نشطت إلى حد كبير منذ الوباء، ولإسماع صوتهم، أغلقوا طرقا بدراجاتهم النارية وارتدوا السترات الوردية التي تشكل شعار شركتهم وطالبوا أيضا بالحق في الانضمام إلى نقابة.

ولتطويق تحركهم، حاولت "يميكسيبيتي" القيام بمناورة إدارية تسمح لها بتغيير وضعها في السجل التجاري.

وقال بيرم كركين من نقابة "نقليات-آي إس"، إنه "عبر هذا الغش أصبح انضمام الموظفين في نقابتنا باطلا".

 

موجة من التعاطف

وأدت هذه المحاولة إلى موجة من التعاطف مع المضربين وأطلقت دعوات إلى مقاطعة الشركات المعنية على الشبكات الاجتماعية، وشهدت "يكيمسيبيتي" على الفور انخفاضا في الطلبات بنسبة نحو 70%.

ودعم مشاهير هذه الدعوات عندما اعتقل عمال من "ميغروس" مقيدي الأيدي ووضعوا في الحبس الاحتياطي بسبب احتجاجهم أمام نوافذ رؤسائهم، منهم المغني هالوك ليفنت الذي شارك بشكل مباشر في المفاوضات عبر وساطة بين الموظفين وسلسلة المحلات.

ويرى "أويار" أن دعم السكان ضروري أيضا لتحسين ظروف العمل، وقال "حتى لو أعطونا علاوة يبقى الضغط قائما لعمليات تسليم أسرع مع مخاطر وقوع حوادث، يجب أن نكون نقابيين لنقاوم".

وذكرت نقابة "نقليات"، أن 190 من السعاة قتلوا في حوادث سير في 2020، ورفضت "يميكسيبيتي" الرد على أي سؤال.

وقالت رئيسة نقابة عمال المستودعات (دي غي دي-سين) نسليهان أكار، التي تمثل موظفي "ميغروس"، إن "ظروف العمل تراجعت مع الوباء ودُفع الموظفون إلى القيام بعمل أكبر من دون احترام إجراءات السلامة".

ويرى باسارن إكسو من اتحاد "أوموت-سين" أن عدم الاستقرار المتزايد لا سيما في قطاع توصيل الطلبيات الذي فرض كما في أي مكان آخر، العمل في وضع شركات صغيرة، هو عامل آخر للتعبئة.

وقال إن "70% من الذين تم توظفيهم كسعاة هم من خريجي الجامعات الذين لا يستطيعون العثور على عمل في قطاع دراساتهم".

 

حقوق العمل

وأضاف "عندما أدركوا أن وضع أصحاب المشاريع الصغيرة يحرمهم من أي حماية في حقوق العمل بدؤوا التحرك بشكل عفوي في كثير من الأحيان، من دون المرور عبر نقابة".

ومع تسارع التضخم، يتوقع النقابيون أن يشهدوا تكثفا في الحركات الاجتماعية، وقالت نسليهان أكار إن "الغضب تراكم" و"العمال سيطلقون الربيع الخاص بهم".

 

مرحلة الخطر

دخل الاقتصاد التركي مرحلة الخطر بعد أن زاد معدل التضخم السنوي إلى نحو 50% الشهر الماضي، وهو الأعلى منذ تولي حزب العدالة والتنمية، الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان، السلطة قبل نحو عقدين من الزمن.

يجمع الخبراء الاقتصاديون أن المشكلة الأساسية تكمن في سياسة أردوغان، الذي يضغط لخفض أسعار الفائدة، وكان أردوغان، قد أعلن في ديسمبر الماضي رفع الحد الأدنى للأجور بنحو 50% بعد أسبوعين من المفاوضات بين نقابات العمال وأصحاب العمل ليصبح الحد الأدنى الجديد للأجور 4250 ليرة تركية (275 دولارًا أمريكيًا)، وسيدخل حيز التنفيذ في عام 2022.

وتأتي الزيادة في وقت تستمر فيه الليرة في الانخفاض إلى مستويات متدنية جديدة مما أدى إلى تآكل أجور العمال الأتراك، وكان الحد الأدنى للأجور لعام 2021 يبلغ 2826 ليرة تركية، أي ما يعادل أكثر من 380 دولارًا أمريكيًا في بداية العام، ولكن 180 دولارًا أمريكيًا فقط بسعر الصرف الآن.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية